من حياة الشاعر محمدى ولد أحمد فال الجكني






تقع منطقة آفطوط إلي الغرب من هضبة لعصابه وتضم مقاطعة باركيول, وجزءا من مقاطعة گرو .وتتشكل في معظمها من الوديان والمصبات المائية, وتمتاز بخصوبة أراضيها الزراعية نظرا لتربتها الطينية القابلة للزراعة أكثر من غيرها. فهي منطقة زراعية بالكامل وآفطوط فى تشكيلته الكبرى يقوم على تداخل بين لبرا كنه وتكانت و گورگل و العصابة ،


وبين المرتفعات الصخرية والوهاد المنبسطة والهضبات السامقة وبين أشجار الأيك والسدر وحشائش السافانا وبين الآكام والمنحدرات حيث تتوزع قرى آفطوط ونجوعه، في تلك الطبيعة الساحرة وفي "لبحير " بالذات ولد محمدى ولد أحمد فال سنة 1909 فتح عينيه على سحر الطبيعة واغتذى بجمالها وليدا، توفي والده وهو صغير، فأشرفت والدته على تربيته، 


وكانت حازمة عاقلة أحاطته برعاية وعناية فائقتين وربته تربية خاصة كان لها الأثر الكبير في تكوين شخصيته العلمية والدينية كما كانت شاعرة، وجهته إلى المحظرة، ورعت موهبته الشعرية، درس في محظرة أهل محمود بن احبيب، وحفظ القرآن الكريم، ونال الإجازة. ثم اتجه إلى محضرة أهل أبات في ولاية تگانت، 


فدرس علوم اللغة، كما درس مختصر خليل، ثم قصد المغرب، واتصل ببعض علمائها، وتزوج وعاش هناك مدة، ثم قصد مصر، والتحق بالأزهر، ودرس فيه مدة، ثم سافر إلى بلاد الحجاز للحج مارًا بالأردن، وأثناء ذلك اتصل ببعض علماء المشرق، وأفاد منهم. كان لكثرة تنقلاته وسفراته أثر في نشاطه الثقافي والسياسي، فتعرف إلى عدد كبير من علماء ومثقفي البلاد التي زارها؛ ففي مصر أعجب بالنموذج السياسي للزعيم جمال عبدالناصر،بعد عودته من المشرق مارس التدريس ، 


وتعلم عليه كثير من طلاب العلم، وكان رائد قبيلته في الدعوة إلى هجر حياة البداوة والترحل، ببناء القرى والاستقرار وممارسة الزراعة.و حاول أن ينقل الخبرات إلى قومه، فشارك في الحياة الثقافية والسياسية مشاركة واسعة. كان ينظم الشعر الفصيح والشعر الشعبي "لغن" وتوفي رحمه الله في مدينة كيفه سنة 1969 تغمده الله برحمته الواسعة.

يقول إعجابا بمدينة انواكشوط التي كانت يوم الاستقلال قاعا صفصفا وتحولت في فترة وجيزة إلى مدينة عصرية :


الله أكبر قد أحسنت يا باني :: بنيان أندلس أم أي بنيان

مختار يا باني الأوطان من عدم :: أجب سؤال دهيش الفكر حيران

أهذه إرم الفرقان تنشئها :: بناة جن بأمر من سليمان

أم قصر إشبيليا أيام زهرته :: ترنو له العين في حسن وإتقان

أم هي باريز في ريعان نهضتها :: تنحو حضارة نابليونها الثاني

يا حسنها طرقا سودا معبدة :: تمتد شرقا وغربا بين عمران

كأنما قطع الزاجات هندسها :: فنان رومة أو فنان يونان

تكاد تخطف بالأبصار لامعة :: كأنما طليت بزيت دهان

شكرا لماجدنا المختار سيدنا :: يخطو فينعشنا آنا ورا آن

أتى لمنطقة انواكشوط بائدة :: مسلوبة العيش في ضيق .


ونختم بقصيدته و برائعته التي قالها غب رجوعه من المشرق إلى مسقط رأسه لبحير بعد تسعة أعوام من الغربة:


ألا يا بُحير الصفو واللهو والأنسِ ::عليك سلام الله يا وجنة الشمس

عليك سلام الله يا مرتع الصبا :: ويا مجمع الأحباب والأهل والجنس

وياثمرة الألباب ياروضة الهنا :: ويا مذهب الآلام في الروح والنفس

وياموقد الأشواق جئتك ثانيا :: ولكن برق الشيب يبدو على رأسي

ولم تسلني مصر و زهو نعيمها :: ولم ينسني منها سرير ولا كرسي

ولم تنسني سعدى ولا البين والنوى :: ولم أنس لا أنسى ولو كنت في رمسي

ملاعب للغزلان حول ربوعها :: كساها نسيج المزن بالورد والورس

شربنا مدام الحب فيها صبابة :: عهود صبانا الغض والكأس بالكأس

ليالي خود الحي يغرين بالهوى :: يواصلننا همسا ويبخلن باللمس

صبرنا وهاجرناك للشرق تسعة :: وآبت بنا ذكرى مواضيك بالأمس

وأُبنا بحمد لله في بارق المنى :: وكنا قبيل اليوم في حالك اليأس

تمتع فؤادي بالبحير وأهله :: فليس عليك اليوم ياقلب من بأس


Post a Comment

أحدث أقدم