صادقت الجمعية الوطنية خلال جلسة علنية عقدتها أمس الاثنين برئاسة السيد محمد بمب مكت، رئيس الجمعية، على مشروع قانون المالية الأصلي لسنة 2024، المتوازن في إيراداته ونفقاته عند مبلغ مائة وثمانية مليارات ومائة وتسعة وعشرين مليونا وثمانمائة وواحد وخمسين ألفا وسبعمائة وأربع وثلاثين (108.129.851.734) أوقية.
وقد حددت الحكومة ثلاثة أهداف أساسية لمشروع القانون، الذي حدد إيرادات ونفقات الدولة مع ضمان تنظيمها بأقصى درجات الحيطة والدقة، وهي تعزيز الأداء الاقتصادي؛ وتحسين إطار ونوعية المستوى المعيشي للسكان؛ وضمان الاستدامة الميزانوية.
وقد أعد مشروع قانون المالية لسنة 2024 على أساس توقعات نمو للفترة الواقعة ما بين 2023 و2026 بنسبة 5,3%. وتعتمد هذه النسبة المتفائلة نسبيا على ديناميكية القطاع الاستخراجي والأداء الجيد للقطاعات: الأولي والثانوي والثالث، حيث سينتقل معدل نمو القطاع الأولي من 5% سنة 2023 إلى 8,3% سنة 2024، بفضل الأداء الجيد لفرع الزراعة وصمود فرع التنمية الحيوانية، وسيسجل القطاع الثانوي ارتفاعا في معدل نموه من 5,2% سنة 2023 إلى 6,4% سنة 2024؛ وتعود هذه الزيادة في معدل النمو إلى النشاط الكبير لفرع البناء والأشغال العامة والأداء الجيد للمعادن، هذا مع الديناميكية التي سيشهدها القطاع الثالث مع ارتفاع معدل النمو من 6,2% سنة 2023 إلى 7,5% سنة 2024. ويعود الفضل في هذا النمو إلى فرع الخدمات ولا سيما القطاع المالي.
ويتمتع مشروع قانون المالية الأصلي لسنة 2024 بميزة خاصة، بالنظر لتزامنه مع السنة الخامسة والأخيرة من مأمورية فخامة رئيس الجمهورية، ولكونه يشكل قطيعة ميزانوية مع سنوات كوفيد19، وبداية انتعاش اقتصادي وطني بعد فترات التضخم التي عرفها العالم.
ويرمي مشروع قانون المالية لسنة 2024، الذي يتخذ من “وثيقة البرمجة الميزانوية على المدى المتوسط 2020-2026” إطارا للميزانية، مما يضمن اتساقا مع السياسات العمومية ومصداقية لتسيير الميزانية؛ إلى تعزيز حسن الأداء الاقتصادي وتحسين مستوى معيشة المواطنين مع محافظته على الاستدامة المالية.
وسيعمل مشروع القانون كذلك على رفع التحدي المزدوج في المجال الضريبي من خلال تحسين الإيرادات الضريبية عبر تحصيل أفضل للضرائب والرسوم، وخفض نفقات التسيير وإعادة توجيهها لمشاريع هيكلية مثل الصرف الصحي لمدينة نواكشوط أو مشروع الانسيابية الحضرية لهذه المدينة في أفق 2026.
ويتوازن مشروع ميزانية 2024 في إيراداته ونفقاته عند مبلغ (108.129.851.734) أوقية بزيادة قدرها 2% مقارنة مع 2023، مع توقع تسجيل رصيد لميزانية 2024 بما مقداره 6.209.973.082 أوقية، ناتجا عن سياسة جيدة للتحصيل الضريبي وعن خفض لنفقات التسيير.
ويخصص مشروع قانون المالية لسنة 2024 مبلغ 64,84 مليار أوقية لميزانية التسيير، أي ما يعادل نسبة 61% من الميزانية العامة للدولة، وهو ما يعني زيادة طفيفة مقارنة بسنة 2023 (أقل من 2%)، وعلى العكس من ذلك، زادت ميزانية الاستثمار من 41,52 مليار أوقية سنة 2023 لتصل إلى 43,42 مليار أوقية سنة 2024، وتقدر الموارد الضريبية في مشروع القانون بمبلغ 66,08 مليار مقابل 58,82 مليار سنة 2023، وهو ما يشكل ارتفاعا طفيفا رغم الظروف المحلية والدولية.
يظهر من خلال مشروع قانون المالية لسنة 2024 ومن الميزانيات الملحقة أن الحكومة ملتزمة بمواصلة الإصلاحات التي شرعت في تنفيذها منذ بداية مأمورية رئيس الجمهورية والوفاء بالتعهدات التي التزم للمواطنين بتحقيقها خلال هذه المأمورية، ويترجم ذلك في الميزانية من خلال تعزيز الأداء الاقتصادي؛ وتحسين إطار ونوعية المستوى المعيشي للسكان؛ وضمان الاستدامة الميزانوية.
يأتي مشروع قانون المالية لسنة 2024 كسابقيه في إطار استراتيجية الحكومة الرامية إلى الحد من الاختلالات الميزانوية وتجنب الانزلاق الميزانوي؛ ويبلغ مستوى الإيرادات في مشروع القانون، باستثناء تمويل العجز 101.919.878.650 أوقية، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 6,7% قياسا بسنة 2023، وتمثل الإيرادات الضريبية ما مقداره 66.077.167.560 أوقية من المبلغ الإجمالي للإيرادات، مسجلة بذلك ارتفاعا بنسبة 1,5% مقارنة مع سنة 2023، والباقي عبارة عن إيرادات غير ضريبية وهبات وعائدات للمحروقات.
وتصل النفقات في مشروع قانون المالية الأصلي لسنة 2024، بما في ذلك العجز، 108.129.851.730 أوقية، وهو ما يمثل زيادة 1,7% مقارنة مع قانون المالية المعدل لسنة 2023، وتمثل نفقات التسيير 64,71 مليار أوقية، أي ما يعادل نسبة 59,8% من ميزانية 2024 مقابل 61% سنة 2023، وهو ما يعبر عن إرادة الحكومة في الحد من تكاليف الإدارة، وفي المقابل، تواصل نفقات الاستثمار تزايدها، منتقلة من 41,52 مليار أوقية سنة 2023 إلى 43,42 مليار أوقية سنة 2024، مع نسبة تغطية بالتمويل الداخلي بواقع 72,6%، مما يدل على عقلنة تسيير الميزانية.
وتم إعداد ميزانية التسيير في مشروع قانون المالية الأصلي لسنة 2024، مع أخذ بعين الاعتبار إرادة رئيس الجمهورية بالحد من إنفاق الإدارة من خلال تحويل المبالغ التي تم توفيرها نحو أنشطة منتجة أو أنشطة لمكافحة الفقر؛ وتأكيد الاتجاه التنازلي للنفقات الجارية بعد الارتفاع الكبير الذي شهدته خلال فترة كوفيد-19 وارتفاع أسعار الطاقة، في حين أعدت ميزانية الاستثمار لتأخذ بعين الاعتبار اكتمال برنامج رئيس الجمهورية أولوياتي الموسع، وخطة العمل الخمسية 2021-2025 لاستراتيجية النمو المتسارع والرفاه المشترك؛ ومواصلة تنفيذ برنامج رئيس الجمهورية (تعهداتي).
وأوضح معالي وزير المالية، السيد إسلمو ولد محمد أمبادي، في عرضه أمام السادة النواب، أن بلادنا من الدول التي واجهت التحديات العالمية، حيث لم يتجاوز معدل النمو الدولي على مدى السنوات الثلاث الماضية 2%، مبرزا أن الاقتصاد الوطني أظهر صمودا كبيرا خلال تلك الفترة مع السيطرة على عجز الميزانية والتحسن في أداء الاقتصاد الوطني.
وأضاف أن هذه النتائج تأتي في إطار الإصلاحات التي تم القيام بها في إطار التسيير العام، وتعزيز القوائم الإنتاجية من خلال تنفيذ برنامج رئيس الجمهورية، السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، “تعهداتي”.
وأكد أن الحكومة تعتزم مواصلة الإنجازات التي تحققت في مجال الشفافية الميزانوية، مشيرا إلى أن من ضمن الأهداف الأساسية التقليص التدريجي للعجز والتحكم في الميزانية وجعل الدين العام قابلا للاستمرار مع مستوى التنمية للبلاد.
وأوضح أن ميزانية 2024 تدخل في السنة الأولى من الوثيقة، ضمن مسار يهدف إلى خلق نمو مستدام وشامل وخلق فرص عمل للشباب والنساء، وتحسين الظروف المعيشية للسكان، تحقيقا للنمو الشامل، الذي يدخل في استراتيجيات الحكومة.
وقدم معاليه عرضا حول محتوى مشروع ميزانية العام المقبل وأسس تقييمها.
وتطرق السادة النواب، في مداخلاتهم خلال مناقشة مشروع القانون، إلى أهمية رفع أجور موظفي القطاعات الحكومية، وتوفير فرص عمل، وفك العزلة عن بعض القرى والمدن الداخلية.
وحثوا على الاهتمام بالقطاعات الحيوية، ومصادرها البشرية، مشيدين بما تحقق من مشاريع تنموية قامت بها الحكومة خلال السنوات القليلة الماضية في مجالات مختلفة.
ودعو إلى مواصلة وتعزيز سياسة زيادة نسبة ميزانية الاستثمار وخفض نسبة ميزانية التسيير، مع مراجعة نظام التمويل المصرفي لأنشطة القطاعات الإنتاجية، كي تلعب البنوك دورها الحقيقي كممول للمشاريع بشروط ميسرة قدر الإمكان.
وطالب السادة النواب بمضاعفة الجهود الرامية إلى بناء البنية التحتية والتجهيزات الجماعية، ومنح العناية لجودة التصميم وتحيين القوانين والنظم المتعلقة بالبيئة، وتعزيز التنسيق بين هيئات الرقابة للإسهام بفعالية في ضمان تحقيق الحكم الرشيد، والتقييم الدوري لآثار الإعفاءات الضريبية والجمركية على الاقتصاد الوطني ومدى نجاعتها، ورفع النسبة المخصصة للبحث العلمي في ميزانية الدولة.
إرسال تعليق