نقص الطاقم التربوي وهشاشة البنى التعليمية،وعجز الوسائل وتدني المردودية والمعاناة من تأثيرات التقري الفوضوي ليست وحدها أبرز مشاكل التعليم النظامي في الحوض الشرقي، فالولاية -التي تعد من أكبر ولايات الوطن -يعاني التعليم فيها مشاكل بنيوية وتراكمات سلبية زعزعت من قيمة العلم والتعلم لدى الساكنة، وأدت إلى حالة من اليأس والإحباط تجعل مجرد التفكير في إيجاد حلول لمشاكل التعليم بالولاية ضربا من الفضول والترف الفكري الذي لا يجد الكثيرون وقتهم للخوض فيه واستجلاء تفاصيله.
ورغم عدم تحمس الكثيرين للحديث حول الموضوع إلا أن الإشكال الأبرز يظل في تلك النظرة التي بات الكثيرون ينظرون بها إلى الموضوع الذي أوشك أن يكون أحد "التابوهات ".المحظور الحديث عنها رغم تداعياتها السلبية وتأثيراتها التي لا تخطئها العين.
موقع الفكر يستجلي مشاكل التعليم في الولاية ويستنطق المهتمين حول القضايا المطروحة في القطاع وذلك بالتزامن مع زيارة رئيس الجمهورية للولاية.
هشاشة وعجز
تعاني أغلب المؤسسات في الولاية من تقادم المباني والنقص الحاد في الوسائل التربوية بما فيها الأدوات والكتب والسبورات ..الخ .
وحتى القليل المتوفر من هذه اللوازم لا يجد الاهتمام ولا تسعفه الصيانة، وهو ما يتفاقم أكثر كلما ابتعدنا أكثر عن عاصمة الولاية، كما في بلديات الولاية وقرى آدوابه التابعة لها حيث يلاحظ أحيانا الغياب التام لأي مرفق تعليمي وبالتالي لا مجال للحديث عن وجود مؤسسات تعليم ثانوي أوإعدادي كما في بلدية حاسي امهادي التي يزيد عدد سكانها على 17.000نسمة، وفي بلدية كومبي صالح التي يتجاوز عدد سكانها على 15.000نسمة.
ولا شك أن التقري الفوضوي والعزلة وتدني الظروف المعيشية وتفشي الأمية عوامل تقف وراء استمرار هذا الواقع حسب شهادات السكان.
معاناة بأوجه متعددة
في المقابل وعلى مستوى القائمين على التعليم في الولاية فإن من أبرز المشاكل اكتظاظ الحجرات المدرسية والنقص لدرجة العجز التام أحيانا في الطاولات المدرسية وفي المعلمين بالنسبة للتعليم الأساسي وفي أساتذة المواد العلمية واللغات في التعليم الثانوي.كما يشكو أولياء الأمور والتلاميذ من ندرة الكتب المدرسية والمضاربة في الموجود منها.
وفي هذا السياق تقول عضو المجلس الجهوي بولاية الحوض الشرقي مريم بنت سيد الأمين في لقاء مع موقع الفكر إن التعليم في الولاية يعاني من عدة مشاكل من بينها نقص في الطاقم التربوي، وسوء التوزيع الجغرافي مما يضطر السكان إلى النزوح إلى المراكز والتجمعات التي توجد بها مدارس ،وبالتالي ترك حقولهم ومزارعهم والتخلي عن المهن التي يزاولونها ويعيشون عليها.و الهجرة إلى مراكز لا يجدون فيها أدنى مقومات الحياة مما يجعلهم ينساقون للخيار الآخر وهو التضحية بمستقبل أبنائهم الدارسي والعمل على زيادة نسب التسرب من التعليم.
كما لفتت بنت سيد الأمين إلى مشكل آخر وهو عدم اكتراث البعض في هذه المناطق بتعليم أبنائهم وبدل ذلك يبعثونهم لمزاولة أعمال شاقة ومهن تقتل براءتهم ولا تتماشى مع قدراتهم العضلية والذهنية وتجعل منهم جيلا ضائعا أو مضيعا وفق تعبيرها.
وليس التعليم التقني والفني بأفضل حالا من نظيره النظامي رغم وجود مدرسة للتكوين المهني بعاصمة الولاية.
أرقام ومعطيات
وحسب المصادر الرسمية فإن هناك ثمانين ألف تلميذ على مستوى المرحلة الابتدائية يتوزعون على 789 مدرسة.ويدرسهم حوالي 500 معلم،وتتوفر الولاية على أزيد من 500 حجرة دراسية.
وتعاني 630 مدرسة من نقص كبير في الأقسام، فلا يكاد يوجد بها أزيد من قسم أو قسمين أو ثلاثة على الأكثر.
فيما تشتكي بقية المدارس (152 مدرسة) التي يفترض اكتمالها من ظاهرة تجميع الأقسام حيث تضطر الإدارات إلى دمج الأقسام مع بعضها بعضا لمعالجة نقص الحجرات مما يفاقم من الاكتظاظ ويؤثر سلبيا على التحصيل ويصيب العملية التعليمية بالشلل التام.
أما بالنسبة للتعليم الثانوي فيصل عدد تلاميذه إلى اثني عشر ألف تلميذ، يتولى تدريسهم 502 أستاذا. وهو ما يمثل 70 % من احتياجات الولاية.
وعدد المؤسسات الثانوية 16 ثانوية أما المؤسسات الإعدادية فيبلغ عددها 11 إعدادية.وفق نفس المصادر
ويقترح القائمون على التعليم إجراءات عاجلة لإسعاف المنظومة التعليمة وإعادة الاعتبار لها من قبيل التركيز على المدارس المكتملة وتوفير المدرسين بها، والصيانة الدورية للمباني المدرسية التي لا زالت في حالة جيدة في مقابل تعميم الاستفادة من الكفالات المدرسية والقضاء على الظواهر السلبية المعيقة كالتجميع والازدواجية الشكلية التي هدفها الحصول على التعويضات فقط ، ويحدوهم الأمل في أن تحمل فكرة المدرسة الجمهورية الموعودة من الحلول والتطوير ما عجزت التجارب والاستراتيجات والمقاربات التعليمية السابقة عن حله فهل تجد آمالهم وتطلعاتهم المشروعة صدى وأذانا صاغية لدى صناع القرار ؟؟؟!!!
إرسال تعليق